يانكي تنضم إلى نادي النخبة

إن أراد المرء أن يترك بصمة في عالم كرة القدم، فالأولى به أن يحقق إنجازاً تاريخياً يُخلد اسمه. هذا تماماً ما قامت به راشيل يانكي عندما انضمت إلى القائمة القصيرة للاعبات الإنجليزيات اللاتي خضن 100 مباراة دولية بعد أن قادت منتخب بلادها إلى الفوز على تركيا بثلاثة أهداف نظيفة في إطار التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس العالم للسيدات FIFA الأسبوع الماضي، حيث هزّت الشباك ونالت جائزة أفضل لاعبة في المباراة.

وقد أصبحت يانكي ثاني لاعبة إنجليزية تبلغ حاجز المئة مباراة دولية مع المنتخب الوطني، متأخرة فقط عن مواطنتها جيليان كولثارد التي تتصدر قائمة الشرف هذه وفي جعبتها 119 ظهوراً مع المنتخب الإنجليزي. ويبدو أن هذه النجمة المتألقة متعطشة لخوض المزيد من المباريات، وهو ما يُشير إلى أنها في طريقها لتحطيم الرقم القياسي والتربع على المركز الأول مستقبلاً.

وقالت يانكي لموقع FIFA.com: "ليس هذا أمراً وضعته نصب عيني عندما بدأت اللعب. كل ما كنتُ أرغب به هو خوض المزيد والمزيد من المباريات بقدر استطاعتي، ولا زلت أريد الاستمرار في اللعب. إن خوض 100 مباراة دولية يجلب معه شعوراً غريباً. لم أبدأ حقيقة في التفكير بهذا الأمر إلا عندما قاربتُ على خوض 90 مباراة وعندها أخذ الناس يتحدثون عن ذلك ويقولون لي ’لا يزال أمامك عشر مباريات فقط لتحققي الرقم 100‘. عند ذلك أصبح الأمر أكثر واقعية".

وأضافت النجمة الإنجليزية في إشارة منها إلى كلٍّ من بيتر شيلتون وديفيد بيكهام وبوبي مور وبوبي تشارلتون وبيلي رايت وهم اللاعبون الوحيدون الذين حققوا إنجاز يانكي حتى الآن: "عندما كنتُ أبحث عن هذا الأمر قليلاً، كنتُ أدركُ أن جيليان كولثارد هي اللاعبة الإنجليزية الوحيدة التي سبقتني إلى هذا، لكني لم أكن أعلم أنه ربما كان هناك خمسة لاعبين ذكور فقط نالوا هذا الشرف. وقد فاجأني الأمر قليلاً، وزاد أهمية ما قمتُ به. ولهذا فإنني أشعر بالفخر لكوني خضتُ هذا العدد الكبير من المباريات وحققت ذلك الإنجاز. أعتقد أن هذا الأمر سيعني لي الكثير عندما اعتزل كرة القدم. لكن كلّ ما أريده حالياً هو اللعب."

من المرجح أن هذه الروح المعنوية العالية لعبت دوراً كبيراً في سبيل تحقيق لاعبة الجناح هذه الكثير من النجاحات في عالم المستديرة الساحرة. وتقول يانكي عن مباراتها الدولية الأولى التي خاضتها كمهاجمة أمام اسكتلندا: "سجلتُ هدفاً في ظهوري الدولي الأول ثم أصبتُ بتشنّج!". وبعد ثلاث عشرة سنة من تلك المباراة، يبدو أن وجود هذه اللاعبة التي بلغت الثلاثين من عمرها لا يزال مؤثراً كما كان عليه الأمر دائماً، حتى أن مدربة المنتخب الوطني هوب باول أعلنت مؤخراً أنها تنتظر المزيد من يانكي التي تعتبر واحدة من نجمات فريقها.

وصرّحت يانكي التي حصلت عام 2006 على وسام شرف الإمبراطورية البريطانية: "أريد دائماً أن أتعلم وأحسّن مهاراتي. ولطالما كان ذلك توجُّهي منذ أن كنتُ طفلة. وحتى عندما كان الناس يقولون (كانت مباراة رائعة) اعتدتُ على أن أقول لنفسي أن بإمكاني تقديم ما هو أفضل. تقول المدربة هوب أن هذا أمرٌ جيد، وهو ما يجعلني أشعر أنها تؤمن بإمكانياتي، ويغمرني بالسعادة، وآمل أن تتحسن مهاراتي وأقدم أداءً أفضل."

تجدر الإشارة إلى أن يانكي تشغل الآن دور لاعبة جناح مع المنتخب الإنجليزي أكثر من اضطلاعها بمهمة الهجوم، ولم يأتِ تحقيقها لهذا الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية بالطريقة التي أرادتها. حيث كان يمكن أن تصل إلى حاجز المئة قبل الآن لو لم يتم استبعادها بشكل مفاجئ من المنتخب المشارك في كأس الأمم الأوروبية للسيدات UEFA 2009.

حيث أفصحت عن شعورها آنذاك بالقول: "شعرت بصدمة حقيقية عندما لم يتم اختياري ضمن الفريق. أدرك تماماً مدى شدة التدريب الذي خضعت له، وحزنتُ على الكادر الذي درّبني لكونه بذل جهوداً كبيرةً معي. ويبدو واضحاً أن هوب لم تكن تعتقد آنذاك أنني لاعبة جيدة بشكل كافٍ للمشاركة في كأس الأمم الأوروبية للسيدات. ومن موقعها كمدربة، يكون عليها اتخاذ مثل هذه القرارات، وهو أمر عادلٌ. كنت أعرف أني أريد أن أستمر في اللعب والتدرّب سواء تم اختياري أم لا. تتمثل نظريتي بأنه في حال كان اللاعب هو الأفضل ويلعب بشكل جيد، فإنه سيتم اختياره في النهاية، ولهذا تم استدعائي مجدداً إلى المنتخب."

وبالنظر إلى الفرصة السانحة أمامها باللعب في نسخة ثانية من كأس العالم للسيدات FIFA، في ألمانيا هذه المرة، في حال نجاح إنجلترا في التصفيات الأوروبية المقبلة التي تستضيفها النمسا، يبدو أن يانكي عازمة الخطى على تعزيز رصيدها من المباريات الدولية، كما إنها واثقة من أن زميلات أخريات لها سيصبحن على قائمة الشرف هذه في المستقبل القريب.

حيث قالت هذا اللاعبة المخضرمة: "لست أول لاعبة تحقق هذا الإنجاز ولن أكون الأخيرة في قائمة الشرف هذه"، وذلك في إشارة منها إلى اللاعبات الإنجليزيات كيلي سميث (94 مباراة دولية) وسو سميث (87) وفارا ويليامز (84) اللاتي يبدو أن ارتداء قميص منتخب بلادهن الوطني مئة مرة أصبح في متناولهن.

ومع هذا العدد الكبير من المباريات الدولية تأتي الخبرة والنضج الكروي والحنكة التي تتمتع بها يانكي في التعامل مع النجاحات والإخفاقات خلال مشوارها في عالم المستديرة الساحرة، إلى جانب الاستعداد للتعلم وتطوير المهارات دائماً. وتمثل كل هذه العوامل سرّ نجاح هذا النجمة الاستثنائية، التي ختمت حديثها قائلة: "تغيرت الكثير من الأمور في المنتخب الوطني الإنجليزي وفي عالم كرة القدم النسائية عموماً. ولهذا فإني كلاعبة مررت بالكثير من التجارب وتعلمت الكثير من الأمور. وإذا لم يستقِ المرء دروساً من هذه الخبرات، فإنه سيستمر في الترنح يمنة ويسرة، ولما كنتُ قد نجحت في خوض 100 مباراة دولية."